الأربعاء، 22 يناير 2020

أخذوا كل ما تملك وطردوها من بيتها





أخذوا كل ما تملك وطردوها من بيتها

ظلم البشر ، و عدالة الله عز وجل 

قصة ملهمة ، تبين أن لكلِ مجتهد نصيب.

السيدة سهيلة  سيدة أعمال ناجحة ، ولكن لكل منا قصة ، و رحلة السيدة سهيلة في هذه الحياة طويلة جداً، و

متعبة ، ما وصلت لماهي عليه الآن من النجاح ، و الوفرة  ، إلا بعد أن ذاقت مرارة الأيام ، سنواتٍ طوالٍ  ،

 وتجرعت كؤوسها ، الواحد تلوَ الآخر ، و  تحملت تعنت البشر ، وجبروتهم ، في محطات متعددة .

إليكم قصتها من البداية :

كانت سهيلة فتاة جميلة ، من عائلة  أصيلة  لكن متوسطة من ناحية  الوضع المادي ، 

وكانت كحال أغلب فتيات تطمح في حياة رغدة ، و تكوين أسرة سعيدة 

( التي هي منتهى طموح كل فتاة في مقتبل العمر )، حين تتفتح الزهور في مخيلتها الخصبة ،

وترى فارس أحلامها الذي سينطلق بها نحو تحقيق المستحيل من الأمنيات، والتي ترى 

كل الوجود من خلاله ، السعادة ، الأسرة ، العيش الكريم ، الأولاد الرائعون . . . . .

ولكن الحياة تصدمنا بحقيقتها دوماً ، وكثير من هذه الأحلام تذهب في مدارج الرياح ،

فما يبقى لنا سوى التمسك ببعض ما حققناه ، وأصبح في قبضة أيدينا .

أنهت سهيلة دراستها الثانوية ، والتحقت بمعهد مهني مختص في التدبير المنزلي ، 

وتعلم الحياكة ،والأشغال اليدوية الفنية وكانت متفوقة في هذا المجال ، فقد حازت 

على شهادتها مع شهادة تقدير.

ما إن أنهت سهيلة  دورتها ، وحصلت على شهادتها ،  كانت المملكة  السعودية ،

 تطلب أصحاب الشهادات ،والخبرات ، لوظائف معلمات ،  وكان لزاماً عليها 

أن تأخذ أحد محارمها ، لرفقتها.

حصلت سهيلة على الموافقة بالسفر ، ورحلت برفقة أخيها صالح إلى إحدى

 المناطق النائية آنذاك ، لتعمل كمعلمة للتدبير المنزلي ، والخياطة .

كانت السعودية في ذلك الوقت من ستينيات القرن الماضي ، في بداية 

تطورها العمراني ، والعلمي ، وكانت سهيلة معلمة جديرة ، بل فنانة رائعة ، وودودة ،

 مما جعل لها شعبية ،وقبول لدى النساء 

في تلك البلدة الصغيرة ، وكان أخوها صالح يعمل في إحدى المهن الحرة ، 

التي أدرت عليه المال ، وبدأيتوسع في عمله ، ويرغب 

في الانتقال إلى مدينة أكبر.

في إجازة الصيف الأولى عادت سهيلة إلى أهلها محملة بالهدايا ، و مبلغ من المال لا بأس به ، 


وهناك بدأالخطاب يطرقون بابها ،وكانت لها رغبة في الزواج ، حيث أنها تحتاج لمحرم 

عنها بدل أخيها الذي سيبعد عنها ، وينتقل إلى مدينة أخرى .

تزوجت سهيلة على جناح السرعة ، وقدمت أوراق زوجها ، وسافرت معه بالسنة الثانية ،

وكان زوجها حسن الخلق ، والدين ، و كانت تحيا معه بسعادة و ، واستقرار 

، لكنه لم يجد عملاً ، فكان جليسالبيت يهتم بأمور المنزل ، وتوصيل سهيلة إلى المدرسة

 التي تعمل بها ، ولم ترزق منه بأولاد ، رغم بحثهما الطويل ، عن علاج ،

 لكنه كان يعاني من مشكلة يستحيل فيها الإنجاب .

وكانت سهيلة متقبلة لهذا الوضع ، وتسري نفسها برقة زوجها ، وحنانه ، وطيبته ، و كرم أخلاقه .

عاشت سهيلة ست سنوات مع زوجها الطيب ، حيث كانت تجمع قدراً لا بأس به من المال ،

 و تذهب هيوزوجها في إجازة الصيف ، إلى بلدها ، و  اشترت منزلاً ، وفرشته بأحدث ،

 و أفخم المفروشات ، إلى جانب بعض العقارات كمحلٍ  تجاري ، وقطعة أرض 

، وكانت تسجل كل شيء ، باسم زوجها ، لسهولة إدارته للأمور، و إكراماً له.

ولكن لا تصفو الحياة أبداً ، ففي السنة السادسة من زواجها ، تعرضت سهيلة 

لحادث سير  برفقة زوجها ، في إحدى طرق الرياض الصحرواية ، وتوفي الزوج على الفور .

عادت سهيلة إلى بلدها ، على إثر الحادث ، بعد أن استقالت من المدرسة التي كانت تعمل بها ،

 ولم يكن في حسبانها أنها ستعود من حيث بدأت .

لم تكن تتوقع أن المال ، والأملاك التي صنعتها بتعبها ، ومجهودها ستذهب لغيرها ، 

حيث بدأ إخوة زوجهاالمتوفي ، بمحاصرتها ، ومطالبتها بحقهم في ميراث أخيهم ، 

كانت تقول لهم كل شيء هو لي ملكي ، مالي ،تعبي ، ومجهودي ، ولكن لم يكن أحد ليصغِ لها ،

 والطمع في الميراث ، كان أقوى من صوتها ، فكل شيئ لهم حق في ميراثه ، 

هاجمهوها يريدون كل الأوراق التي تخص حقهم في الميراث.

أسقط في يدها ، و لم يكن هناك بدُّ من مواجهة الواقع ، دخلوا إلى بيتها ،

 وأخذوا كل شيئ  ثمين ، لم يدعواإلا ما ليس له قيمة ، كنصيب لها في ميراث زوجها .

لم تستطع سهيلة مواجهة ما حصل ، ولم تستطع إثبات حقها في مالها ، و جلست 

عاماً كاملاً ، في بيتٍ صغير ، و قديم كانت قد اشترته قبل زواجها ، لتستفيد من أجرته القليلة ، 

و الوحيدالذي لم يستطيعوا الاستيلاء عليه.

بعد مضيِ عام بدأت سهيلة تستفيق من صدمتها ، و تفكر ملياً ، في تجاوز هذه الأزمة التي

 حلت بها ،خاصة وأن ما تبقى لها من ذهب ومال كانت قد تصرفت به ، وصرفته  .

راسلت سهيلة إحدى صديقاتها المعلمات 

حيث كانت تعمل في السعودية ، عسى أن تجد مكانها السابق في العمل ، 

وكان الرد سريعاً ،  احزميحقائبك ، وتعالي" .

وكعادته المجتمع السعودي ، في لهفة المحتاج ، أهل نخوةٍ ، وفزعة .

عادت سهيلة إلى السعودية ، تاركة جراحها ، طاوية بذلك فصلاً من فصول حياتها وراءها 

، غير عابئة بكل ما خسرته ،
( في بعضِ الأحيان تكون راحة البال هي أهم من كل شيء ، و لا يعرفها إلا صاحب الهم ).

انطلقت سهيلة في حياتها العملية من جديد ، وبدأت في تعويض ما خسرته من أموال 

، ولكن رغبتها فيالإنجاب باتت تروادها أكثر ، بالذات بعد ما حدث معها ، 

حيث كانت وحيدة، و مظلومة ، وهذا ما جعلها توافق على عريس تقدم لخطبتها ،

 وكان يعمل مدرساً في نفس المنطقة ، ولكن .....

 بعد الزواج بدا لها هذا الرجل غريب الأطوار ، فقد اكتشفت في شخصيته الكثير من العيوب ، 

التي لا تحتمل، إنه سيء وبخيل  ، بكل معنى الكلمة ، بخيل في الانفاق ، 

وبخيل في العاطفة ( البخل لا يتجزأ ) ، منذ بداية زواجهما  ، أصبح لا يصرف من راتبه أبداً 

، بل و يرغمها  على إنفاق راتبها كله في مصروف البيت ،إيجار ،

فواتير ، مأكل ، وملبس ، وغيره من المصاريف ، معللاً أن لا فرق بينهما ، والجيب واحدة .

لم يمضِ  ثلاثة شهور على زواج سهيلة الثاني ، حتى قررت أن تنهي هذه المهزلة ،

و هذه التجربة الفاشلة.

تطلقت سهيلة ، وعادت وحيدة ، من جديد 

، ولكن هذه التجربة ، لم تؤثر في نفسيتها ،

بل شعرت أنها نجت بنفسها ، من براثن ذلك الطماع ، و سرعان ما عادت لحياتها النشطة 

، و بحثها نحوحياة أفضل.

في خضم هذه الأحداث كانت المملكة ، في تطور سريع ، و مذهل ، 

وتواجد واضح للعنصر النسائي في عالمالمال ، و سوق العمل ، وكانت سهيلة قد دخلت 

في ضمن مسابقة لإحدى دور الأزياء ، وتصميم فساتين السهرة ، والعرائس ، حيث صممت 

ثوب زفاف ، وزينته بالألماس ، وتركت العنان لمخيلتها ، في عمل إبداعي راقٍ 

، ليدخل المسابقة ، وكان الخبرالأروع لها في ذلك العام ، هو فوزها بجائزة أجمل ثوب زفاف .

 بعد فوز سهيلة بالجائزة ،  بدأت العروض

تنهالُ عليها  من سيدات المجتمع آنذاك ، لمشاركتها في تصميم الأزياء ، 

و من بين هذه العروض ، كان عرضاًلسيدة تريد أن تبدأ مشروعاً تجارياً على أعلى المستويات 

، وقد عرضت على سهيلة الشراكة  الكاملة

في هذا المشروع ، فوافقت على الفور ، وكانت الشراكة أن تمول تلك السيدة 

المشروع بالأموال ، وعلى سهيلة التصميم ، و التنفيذ .

سارت الأمور في البداية على ما يرام ، ولاقت سهيلة نجاحاً باهراً ،

 وسمعة جيدة لا بأس بها ، وبدأ المشروع يؤتِ ثماره من الأموال ، و الأرباح 

، وأصبح لدى سهيلة رصيداً محترماً من الأموال ، لكنها الحياة .....

توفيت المرأة التي تشارك سهيلة في نجاحها ، و بعد فترة من الزمن 

عرض زوج المتوفية الزواج عليها ، أوينهي هذا المشروع للأبد .

لم توافق سهيلة على الزواج من زوج صديقتها المتوفية ، وفضلت فض الشراكة 

، وإنهاء المشروع تماما.

لم تتوقف سهيلة عن التفكير في هذا المجال من الأعمال ، بل قررت البدء من جديد 

، من حيث انتهت ، ولكن  هذه المرة 

ستعود إلى وطنها الأم ، وستبدأ مشروعها في التصميم ، والتسويق ،

 وكانت قد اكتسبت خبرة كبيرة فيهذا المجال .

عادت سهيلة إلى بلادها ، و أخذت شقة كبيرة ، في موقع متميز ، وجهزتها بكامل 

التجهيزات ، و وظفت ثلاث بنات ممن يتقنَّ 

فن الخياطة ، و التطريز ، و غيره ، و ما كان عليها إلا أن ترسم التصاميم ،  

وتعطي التعليمات ، وبدأتللتسويق لاسمها في المعارض ، والمسابقات الدولية

 ، ومراسلة بعض عملائها القدامى ، وبالفعل بدأ اسمها في الانتشار سريعاً 

، وبدأ عالم الأعمال ، و المال ينصفها حقها.

اليوم أصبحت سهيلة سيدة أعمال من الطراز الأول ، و كانت قد تزوجت للمرة الثالثة 

من أحد عملائها ، الذي دعمها ، وطور لها أعمالها، و أنجبت منه ثلاث أولاد ، 

أكبرهم أصبح  يدير  معها مؤسستها ،  بعد تخرجه منالجامعة ، بينما لا يزال في مرحلة الدراسة .

أما نهاية أهل زوجها الأول المتوفى ، فكانت وخيمة ، فعدالة الله أقوى من الظلم.

تقول السيدة سهيلة ( لولا العذاب ما عرفت طريق السعادة ، وبدون  تجاوز العثرات 

التي واجهتها في طريقي ، لم  استطع الوصول للطريق الممهدة ، 

وقصة نجاحي ، بدأت من إصراري على الاستمرار ..... هكذاهي الحياة

قصة واقعية بتصرف 

















0 التعليقات

إرسال تعليق