والد زوجي يمارس السحر ... و مأساتي كانت السبب في ....
عشرون عاماً مرَّتْ
خمس ساعات كان يقطعها رنين هاتفها ، أو إحدى العاملات معها تستشيرها في ما يخص عملها ، محدثتيصاحبة أكبر مركز تجميل بالمنطقة ، أثارت فضولي ، لمعرفة كامل قصتها ، حيث كانت تفاصيل قصتها ، ورحلة حياتها الصعبة .
سيدة ثلاثينية جميلة ، لا تخفي ثقتها بنفسها ، و قوة شخصيتها توترها ، أو تأثير الماضي عليها .
أحضرت عدة القهوة ، و في حجرة جانبية جلست تحضر القهوة ، و تنفث دخانها ، و تتذكر كيف كانت حياتها ، و كيف بدأت ، و ما الذي كابدته ، و الحرمان الذي عايشته.
قالت : كنتُ صغيرة ، بل طفلة ، خطبني أحد أبناء عمومتي ، و كنتُ ما زلتُ ألعب مع الصبية عند باب منزلنا ، لا أعرفه برغم القرابة التي تجمعنا ، فكلٌ منا ولد في منطقة ، ولم نزرهم قط في منطقتهم ، و لا نعلم أي شيء عن حياتهم ، فحسب القوانين التي تعمل بها قبيلتنا ، ابن عمي أحقُّ بي من الغريب ،
و لا أحد يستطيع رده ، أو رفضه.
تمت خطبتي على ابن عمي ، و بدأت مراسيم جهاز العروس ، و اقترب موعد الزفاف ، وأنا ما زلت ألعب بالحبل تارة ، و والغميضة تارة ، و بشرتي الجافة المحترقة بالشمس ، كانت تشهد على شقاوتي ، و لامبالاتي بكل ما يحدث .
إنهم يحضرون لزفافي ، تأتي أمي من السوق محملة بالأغراض ، و المشتروات للجهاز ، و تقول لي تعاليانظري ، كان النظر في المشتريات يأخذ مني نصف دقيقة لا أكثر .
جاء موعد الزفاف ، و أخذتني أختي الكبيرة إلى مصففة الشعر ، و التي عادةً ما تكون خبيرة بكلِ شيء يخص التجميل ، و تجهيز العرائس.
انتهت محدثتي من تحضير قهوتها ، و قدمت لي فنجاني ، و تابعت . . . .
كان يوم زفافنا حافلاً كعادة القبائل في الأفراح، و الولائم ، و أهازيج ، و دبكة ، و النساء اجتمعن حولي ، وأخذنَ بإعطاء النصائح ، و التنبيهات ، و التعليمات بفروض الطاعة ، و الولاء ، لحماتي ، و لعمي ، و زوجي، و ،،،،.
انتهت زفتي ، وأشار لي زوجي أن حان الرحيل .
جهزت والدتي حقيبتي ، وكان جهازي قد سبقني إلى بيت أهل زوجي .
كانت هذه المرة الأولى التي ابتعد فيها عن بيتِ أهلي ، و حضنِ أمي ، ما أصعب هذه اللحظات ، لا تغمرني السعادة بزواجي ،
أردتُ أن تكون فعلاً لعبة و تنتهي بانتهاء هذا الاحتفال ، لكن الواقع غلبني ، و تفوقَ على طفولتي المدفونة ،داخل هذه الثياب
المزركشة ، و الأساور الذهبية المشنشلة .
ركبت السيارة إلى جانب العريس (زوجي )
، و توجهنا إلى منطقتهم البعيدة النائية ،
كانت الطريق تؤدي إلى بيتهم ، و أنا طريقي
متجهةٌ إلى المجهول ...
قطعنا المسافات ، و أنا أقتطع سنيناً من عمري لم أعشها بعد ، و لم أجرب حلاوتها ، و شقاوتها ، و تقلباتها، يا إلهي تذكرت إنني
طفلة ، أريد العودة إلى حضنِ أمي ، و لعبتي ، و صديقاتي الشقيات ، من هذا الكائن الذي بجانبي و لماذاأنا معه ؟!
وصلنا إلى قريتهم ، وكانت المفاجأة بانتظاري ، إنها حقاً منطقة نائية جداً ، يا إلهي ما هذه البيوت ؟ أغلبها بيوتٌ من اللبن ، مغطاة بصفائح معدنية ( توتية).
وصلنا إلى منزلهم المتهالك كحال باقي البيوت ، لكن بعض البيوت برغمِ فقرها ،
و بنائها المتواضع تكون عامرةً بدفء عاطفي ، يجعلها مشرقة ، مشعة بنبض المحبة بينَ أفرادها ، فتجدهم يمرحون ، و يمزحون ، متناسيين الهموم ، و الفقر .
لكن ذلك المنزل كان معتماً ، كئيباً ، جدرانه المتشققة ، وإضاءته الخافتة ،
و فرشه البدائي ، إنه بارد ، بل متجمد .
أهل زوجي كانوا برفقتنا ، و بمجرد وصولنا
بدأت زوجة عمي بالحديث ، و الانتقاد ،
و اتهام أهلي بالتقصير ، و تفصيل الجهاز الذي لم يعجبها ، و لم تدرك تقصيرها ،
فعندما دخلت غرفتي الخاصة لم أجد فيها سوى فراشاً قديماً مستعملاً ، و على الفورِ أخرجت شراشفي الجديدة وفرشته ، و الأغطية التي اشترتها أمي ، و رتبتُها على الفراش ، كم أنا متعبة ، أريد أن أنام
و أنسى كل شيء ، أريدُ أن أغفو عن هذا الكابوس الذي جروني إليه عنوة ، و بصمتٍ مني ، لماذا لم أتمرد ،لماذا لم أصرخ و أقول لا أريد هذا الزواج ، أريدُ العودة إلى مدرستي ، إلى رفيقاتي ، يا ليتني كنتُ متفوقة بالمدرسة ، يا ليتني أعود وسأجتهد ، و أدرس ما استطعت ، أعيدوني إلى بيتي أرجوكم .
لقد غفوتُ ، و أنا مازلتُ بثوب الزفاف ، أيقظتني همهماته ، و لمساته ، كان يداعب
شعري ، لم يمهلني كثيراً ، ولم يتكلم معي ،
يريد شيئاً واحداً ، انتهى ، و أدارَ ظهره لي .
في الصباح استيقظتُ ، و أردتُ الاستحمام
يا إلهي لا يوجد مكان للاستحمام ، أشارت زوجة عمي لي بأن أملأ برميلاً معدنياً بالماء للاستحمام فيالمطبخ ، وأشارت لي بلهجةِ التحذير أن أعجل لنقوم بأعمال البيت .
تأكدتُ من حجم المأساة التي سأعيشها في هذا البيت المظلم ، و في المساء جاءت بعض الجارات ليباركنَ بالزواج ، و نظراتهن غريبة ، كنَّ يرمقنني بنظراتٍ غريبة، لم أستطع تفسيرها في وقتها .
مضى أسبوعان على زواجي ، و كانت نصيحة والدتي لي أن ألتزم الصمت ، و أقول كلمة حاضر على كلِ أمرٍ ، سواء من زوجي ، أو والدته ، أو والده ، و بدأتُ ألاحظ أنهم قلما يطهون ، وإذا جهزنا الطعام ، نجهزه بكمية قليلة ، لم أدرِ وقتها هو بخلٌ ، أم فقرٌ ، إنهم لا يأكلون إلا العدس ، و الفول ،
و الطعام لا يكفي الجميع ، ينقصهم كلَّ شيء تقريباً .
أسبوعان، و أنا صامتة ، أنفذُّ الأوامر ، و المهمات بدون اعتراض ، أو سؤال .
بدأت ألاحظ بعض الأشياء الغريبة التي
تثير التساؤل ، و لم أكن أجرؤُ على السؤال ،
فعمي يحضر بعض الأشياء الغريبة كديكٍ مذبوح ، أو أرنب يتقطر دماً ، أو رأس خروف ، أو قرص ليةٍ ( دهن الخروف) ، ولا نستعمله في الطبخ ، يدخله إلى غرفته المغلقة ، و كان لايسمح لأحد بالدخولِ إليها ، أحياناً تدخل إحدى النساء إلى بيتهم ، فيدخلونها إلى غرفة ( الشيخ نعيم)
كما يلقبون عمي والد زوجي .
بدأ المللُ يتسلَّلُ إلى نفسي ، اشتقتُ لأهلي
، إنهم بعيدون جداً ، و أنا أشعرُ بالغربة ، و أشعر بالحنين ، و أشعر بالجوع ، تقريباً لا أتناول شيئاً في هذاالبيت الخاوي ، إلا بعض الخبز كلما شعرتُ بالجوع .
بدأت زوجةُ عمي تصعد لهجتها الحادة ، و أوامرها ، و زوجي أخذ يتغيبُ أياماً عن البيت ، فعمله بعيد ، وحين يحضر إلى البيت ، لا يشعرني بأيِ خصوصية ، أو اشتياق ، بل على العكس ، ينهرني ، و يشتمني على أتفه الأسباب ، و عمي الرجل الغامض ، تحدث أشياء لا أفهمها .
مضى شهران على زواجي الغريب ، و بدأت الأيام تظهر المستور ، من بخل زوجي ، و أهله ، إلى غرفة عميالغامضة ، و زوجته المستبدة ، و وصولاً إلى الخلاف الذي احتدم بيني ، و بينَ زوجي حين عثرتُ على عقدِزواج ، باسمه ، و اسم امرأة
أخرى ، وتطورَ الخلاف إلى الضرب ، و الاهانة ، وتبين لي أن عقد الزواج كانَ قبل زواجه مني ، و لم يستمرطويلاً ، لإنها لم تصبر على هذا الوضع .
كان وضعي مأساوي بكل معنى الكلمة ،
اعتزلتهم ، و كنت قد بدأتُ أشعر بأعراض الحمل ، و علاماته .
بعد يومين من عزلتي ، و حزني ، دخلت عليَّ
زوجة عمي ، و بيدها كأس فيه ما يشبه العصير ، أمرتني بشربه حتى أهدأ ، و جلست أمامي لتتأكد منأنني شربته كاملاً .
لم استطع الإفلاتَ من قبضتها ، بقيت جالسة ، و أصرت على شربه ، و أنا بدوري شربته حتى أنتهي من مجالستها المزعجة .
لم يمضِ أسبوعان على هذا اليوم ، حتى بدأتُ أشعر بآلام غريبة في رأسي ، و بطني ،
وبدأ جسدي يضعف أكثر ، و وجهي يصفرُّ و يذبل ، أنا مريضة ، و زوجي لم يعد إلى البيت منذ يوم المشكلة ، لا أحدَ يهتم .
ارتديتُ ملابسي ، و خرجت لأستنشقَ بعض الهواء النقي لعله يخفف عني تعبي ،
ابتعدت ُ قليلاً عن البيت ، و رأيت ثلاثة
فتياتٍ في عمري تقريباً ، فرحتُ لرؤيتهن
، و أشرتُ لهن بالسلام ، و حدثتني نفسي بالاقتراب منهن ، و محادثتهن ، وكانت
المفاجأة .....
اثنتان منهم غادرتا مسرعتين بعيداً عنا،
بقيتُ أنا و و احدة اسمها علياء ، استغربتُ من رحيل الفتاتين ، و سألتُ علياء عن السبب .
تلعثمت علياء ، و لم ترغب بالحديث ، مما زادَ من شكوكي ، أن شيئاً ما لا أعرفه يحدث في هذا البيت الغريب، و ما هو الشيئ الذي
يخفونه عني .
اتفقتُ أنا و علياء على اللقاء في اليومِ التالي في الصباح ، و كان في نيتي البحث ، و الاستقصاء عنأسرار تلك العائلة التي ابتليتُ بالحياة معهم .
عند عودتي سألتني زوجة عمي أين كنت ، أخبرتها أني كنتُ أتمشى في المحيط ، ذهبت ، و أحضرت ليمشروباً يشبه المشروب السابق ، شممت رائحته الغريبة ،
جعلت معدتي تتشنج ، كانت تبرر لي هذا المشروب سيقويني ، لم أرغب بشربه أبداً ، تعللتُ أني سأقوملشرب الماء ، و ذهبت و رميت نصف مافي الكأس ، وأضفتُ الماء فوقه ، شربتُ أمامها القليل ، لم أشعرها أنيغير راغبة فيه بل أوهمتها أني مهتمة لمعرفة محتواه ، تلعثمت ، و توهتني بالكلام ، و رحلت عني .
أصبحتُ في اليوم التالي متوعكة لكني أصريتُ على لقائي بعلياء رغم ما سأتكبد من تعب ، و عناء ، خرجتمن البيت فوجدتها في انتظاري ، حاولت جرها للحديث مرة أخرى لكنها تهربت للمرة الثانية ، وشعرتًبخوفها من مجرد الاقتراب
من الحديث عن أهل زوجي .
يا إلهي ما السر الذي يخيف الجميع ، مع من أعيش يا الله .
ودعتُ علياء ، و لم أشأ أن أضغط عليها حتى تستمر علاقتي بها ، و ضربت موعداً للقائها في صباح اليومالتالي ، و قد وعدتني أن تأخذني عند جدول ماء تجتمع الفتيات عنده .
لم أطل خروجي في هذا اليوم ، حتى لا أثير شكوكَ زوجة عمي ، و عدتُ إلى البيت محاولةً إرضاءها ، ولحسن الحظ وجدتها نائمة ، و لم تلاحظ غيابي أبداً ، و لا عمي الذي يلازم تلك الغرفة المشبوهة.
في صباح اليوم الثالث ، و مازال التعب ، و الاجهاد ، يبدو على ملامحي جلياً ، من اصفرار لوني ، و ذبولِملامحي ، و النفس المتلاحق ، تذكرت أهلي ، و حسبتُ أنهم نسوني ، لما لا فهناك إخوتي سبعة من الشباب، و أربعة من البنات ، حولهم
لن يلاحظوا غيابي ، ارتديتُ ملابسي ، و خرجت للقاء علياء ، و رفيقاتها ، ولكن تكرر نفس الأمر ، و بدأتالفتيات بالتهرب من الحديث معي ، و اختلقنَ الأعذار ، وبقينا أنا ، وعلياء لوحدنا ، وأدركتُ أنني لابد أنأعلم الحقيقة كاملة ، استحلفتها لتتحدث ،
ترددت ، ثم قررت الحديث ، بعد أن أخذت المواثيق ، و العهود ، أن لا أذكر اسمها ،،،
أكدتُ لها ، و عاهدتها بما تريد ، وأخيراً سأجد من يخبرني الحقيقة.
تحدثت علياء ، و هي قلقة ، ومتوترة ؛ ألا تعلمين من هم أهل زوجك ، و زوجك .
قلتُ لها ؛ لا إنهم من أقاربنا ، لكن لا نعلم عنهم شيئاً ، إلى ماذا تلمحين .
قالت علياء : يا عزيزتي عمك الشيخ نعيم هو أكبر ساحر نجس في هذه المنطقة ، إنه شيخ السحر الأسود ،يأتونه الناس من بلاد بعيدة ، بغية عمل السحر الأسود لأذية من يريدون ، و زوجته تابعة له فهو يؤثر ، ويسيطر عليها بواسطة خبرته في السحر .
شعرت بالخوف ، و بدأتُ فعلاً ارتجف من الخوف ، و المرض الذي بدأ يزداد علي ،
تابعتُ ، ولكن زوجي لا علاقة له بالأمر ،
قالت ؛ زوجك أكبر فاسد في المنطقة ، عديم الأخلاق ، و الرجولة ، و أكثر من ذلك .
لم تكمل علياء كلامها ، حتى سمعت صوت زوجي يناديني بحدة ، يا إلهي كيف عرف مكاني ، استأذنتُ منعلياء ، وواعدتها بلقائها قي صباح اليومِ التالي .
رجعتُ مع زوجي ، و كانت تبدو عليه علامات الغضب ، أخذت بمحادثته ، لم يجب ، أردت تلطيفَ الجو ، ولم ينبس ببنت شفة ، وصلنا إلى البيت ، و أغلق الباب ، و بدأ بضربي ، و شتمي ، و إهانتي ، حتى ارتميتُجثة هامدة ، لم أقوى على الحراكِ بعدها ، لساعات .
حذرني من الخروج مرةً أخرى من البيت ، أو مصاحبة أي فتاةٍ من القرية ، و انتهى من كلامه ، وخرج ، واتفق مع والدته بإكمال الدور .
بقيتُ على هذه الحال عشرة أيام تقريباً ،
لا طعام ، و لا راحة ، و لا أي شيء ، بدأ جسمي الضعيف بالتراجع ، و الانهيار تماماً ، ازرقت شفتاي ، وصار جلدي ملاصقاً لعظمي ، متجعداً ، حتى شعري بدأ يتساقط من قلة الغذاء ، أخبرتني علياء من جملة ماقالته أنهم ليسوا فقراء أبداً ، على العكس إنهم يحصلون على مبالغ طائلة ، من وراء أعمال السحر ،والصفقات المشبوهة .
شعرتُ بإغماءة ، و رأيت والدي يمد يديه إلي ، و يشدني ، و يقول هيا انهضي ، قومي معي سنرحل من هنا...
لم أستيقظ ، إلا و أنا في المستشفى ، و حولي والدي ، و والدتي ، و إخوتي ، و المغذي في يدي ، و شعرتُ ،و كأنه كابوس ، و أفقتُ منه ، علمتُ بعدها أن علياء ، أخبرت إحدى أقاربنا لتبلغ أهلي بالحضور ، و تأكدتُ من خبرِ حملي ، و أيضاً طلاقي من ابن عمي الضالّ ، وعائلته المشبوهة ، بعد أن تعالجت من أثر السموم ،و السحر الذي كانت ترغمني زوجة عمي على شربه.
الجزء الثاني قريباً
0 التعليقات
إرسال تعليق